languageFrançais

سهرة تونسية: لمّة أجيال وإحياء للأغنية الأصيلة على ركح قرطاج

شهد المسرح الأثري بقرطاج ليلة أمس عرض «سهرة تونسية» بقيادة المايسترو يوسف بالهاني، ضمن فعاليات الدورة التاسعة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي، تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية، وفي إطار برنامج المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وبدعم من مسرح أوبرا تونس. عرض حمل في جوهره رسالة واضحة: ''دعم الإبداع التونسي وصون التراث الموسيقي''.

الإقبال الجماهيري الكبير الذي ملأ المدارج أثبت أنّ الأغنية التونسية ما زالت قادرة على جمع الأجيال وشدّ الجمهور، مهما اختلفت أذواقهم وتنوعت مرجعياتهم.

من «عين المحبة» إلى ركح قرطاج

تعود فكرة السهرة إلى برنامج «عين المحبّة» الذي كان يُقدَّم مرة كل شهر بمدينة الثقافة. الفكرة تطورت، وكبرت معها الطموحات، لتصل إلى ركح قرطاج بعدد أكبر من الفنانين، ما جعل العرض موعدًا موسيقيًا ينتظره الجمهور .

انطلاقة بطعم الحنين

عند الساعة العاشرة وتسع دقائق، افتتحت الفنانة نوال غشام السهرة بأغنية «أنا الي تغرّبت»، التي كتبها ولحنها تونسي مغترب، لتكون أولى لحظات الحنين التي لامست قلوب الحاضرين. تواصل العرض بمشاركة الفرقة الوطنية للموسيقى تحت قيادة المايسترو بالهاني، مصحوبة بالكورال، في رحلة موسيقية أعادت أغانٍ تونسية إلى الأذهان بنَفَس جديد.

التقاء الأجيال

الركح شهد لقاءات فنية استثنائية بين أصوات من أجيال مختلفة، محسن الرايس صعد مع ابنته نهى رحيم ليؤديا معًا أغنية «صدفة» من ألحان صابر الرباعي، قبل أن يقدما «عشّاقة» في لحظة وصفها الرايس بأنها «مناسبة جمعت الأجيال الكل».

الخطّ الأساسي للسهرة اعتمد على أن كل فنان لا يغني وحده، بل يرافقه آخر، في توليفة جعلت الشباب يغني للجيل القديم والعكس بالعكس، في مشهد موسيقي يربط الماضي بالحاضر.

تحية وفاء… وبوابة لإبداع جديد

البرنامج حمل تحية لعمالقة تركوا بصمتهم في تاريخ الأغنية التونسية مثل نعمة، سلاف، الهادي قلال وصافية الشامية. في المقابل، قدّم الفنانون لمساتهم الخاصة، مثل رحاب الصغير التي أطلقت لأول مرة على ركح قرطاج أغنيتها الجديدة «القلب شاش».

أصوات تعود… وأخرى تواصل المشوار

بعد غياب سنوات، عادت سمية الحثروبي إلى جمهورها قائلة: «نجاح السهرة كان بإمضاء الجمهور التونسي وعشر سنوات مع زميلاتي الفنانات».

أما نوال غشام، فعبّرت عن سعادتها بالعودة إلى قرطاج، مؤكدة أن مشاركتها «مجرد لمحة صغيرة» من عرضها القادم العام المقبل: «قرطاج يبقى ديما قرطاج».

من جانبه، قال منصف عبلة: «الفن تونسي أو لا يكون، وهذه اللمة الجميلة دليل على أنّ الأغنية التونسية بخير».

في حين أعربت نهى رحيم عن فخرها بمشاركة الركح مع والدها، معتبرة ذلك «لحظة استثنائية تجمع بين العائلة والفن».

الحضور الشبابي  

السهرة لم تكن حكرًا على الأسماء الراسخة فقط؛ بل كانت مساحة للأصوات الصاعدة مثل فراس القلصي، سارة النويوي، نجوى عمر، لتؤكد أنّ الأغنية التونسية مستمرة وتتجدد باستمرار  جديدة.

جدل سبق السهرة

العرض لم يخلُ من الجدل؛ تغييرات في قائمة الفنانين، انسحاب مقداد السهيلي، وإعلان متأخر عن بعض الأسماء. ورغم ذلك، نجح العرض في كسب الرهان على الركح، حيث تفاعل الجمهور بحرارة مع كل فقرة، مؤكدًا أن الموسيقى أقوى من أي خلاف.

قرطاج… ركح مفتوح للأجيال الثلاثة

ليلة أمس، غنّى الكبار للصغار… وغنّى الصغار للكبار، وفي كل نغمة رسالة واحدة: الأغنية التونسية حاضرة… وستبقى تتجدد على ركح قرطاج.

ليندا بلحاج